أسئلة غيرت العالم!
- أفنان آل زايد
- 21 أغسطس 2018
- 2 دقيقة قراءة
لم يطور العقل البشري منذ قرون طويلة الا التساؤلات، فالتساؤل يحرر الشخص من التقيد بتفسيرات تقليدية أو شائعة .. فيبحث بنفسه عن الحقيقة المنطقية والصادقة، والتساؤل غريزة فطرية لدى الإنسان أطلق عليها علماء النفس «غريزة الفضول» ونجدها واضحة في سلوكيات الأطفال فلا تتوقف أسئلتهم عن العالم المحيط بهم حتى يأتي الفكر المترهل ليقمع هذه التساؤلات ويفرض الآراء البالية السائدة ويتحمس لمسلمات عفا عليها الزمن..

نحن بحاجة ماسة لمعرفة هدف التعليم الحقيقي وهو أن نسأل ونفكر ونجرب لا أن نحفظ ونُلقن المعلومات دون تفكير وقناعة، بحاجة إلى أن نتعلم الأسئلة ونبحث عن الاجابات ثم نستنتج مدى صحتها بأنفسنا، فالذي يحفظ المعرفة فقط دون أن يعلم ما هو التساؤل الذي أدى لاستنتاجها لا يمكنه أن يضيف للعلم أي فائدة.
وأثر السؤال بالغ وكبير جداً على البشرية بأسرها على سبيل المثال قصة العالم «جيرجور مندل» الذي كان يساعد أباه في الزراعة وهو لا يزال في سن صغيرة وكانا يقومان بتطعيم الأشجار، وذلك بفتحة في فرع الشجرة وتثبيت غصن شجرة أخرى فيها، وقد كان المزارعون يستخدمون هذه الطريقة منذ قديم الزمان، ومازالت تُستعمل حتى الان، وقد كانت هذه الطريقة هي التي اثارت فضول العالم «مندل» وجعلته يتساءل لماذا تنتج النبتة الأم نباتات أخرى تشبهها بالشكل والخصائص ؟! وجعلته يجري تجارب على نبات البازلاء التي كان يشير اليها بزهو وافتخار لزواره قائلاً: انهم أطفالي!..اكتشف مندل بعد سنوات طويلة وبعد ما يقارب عشرة آلاف تجربة أهم قوانين علم الوراثة..اليوم ندرس عن مندل فاسمه أصبح مدوناً في كتب التاريخ لأنه قدم خدمة للبشرية بالغة الأهمية..كان بداية اسطورته وقصته الملهمة هو سؤال بسيط في طفولته عندما كان يساعد والده في المزرعة..نعم انه تساؤل طفولي أسس علم الوراثة..وتوجد قصة أخرى توضح أهمية الأسئلة فمن الذي لا يعرف سؤال نيوتن الذي غير وجه الأرض: لماذا سقطت التفاحة؟! ولا ننسى أسئلة ابن خلدون عن سبب تغير الناس والأحوال التي ساهمت في تأليف كتابه الشهير «مقدمة ابن خلدون» والذي بسببه اعتبرته كثير من مدارس العلوم الإنسانية مؤسسا لعلم الاجتماع..
مما يؤلم أن ثقافة الأسئلة تُقمع في عالمنا العربي بأسره على سبيل المثال أتذكر خلال رحلة في الطائرة أن طفلاً كان يجلس أمام مقعدي أشار الى مفتاح تشغيل الأضواء في الطائرة وسأل أباه عن وظيفة هذا المفتاح إلا أن أباه كان يتجاهله! وعندما قام الطفل بالضغط على المفتاح وبخه بشده...هذا التجاهل لأسئلة أطفالنا ثم قمع فضولهم وتجاربهم من أكبر الأخطاء التي نستمر يومياً بممارستها .أعتقد أننا بحاجة ماسة لتوعية كل أب وكل أم وكل معلم ومعلمة بأهمية فسح المجال لطرح الأسئلة من الأطفال والطلاب بكل حرية وعفوية. نحن بحاجة ماسة لمعرفة هدف التعليم الحقيقي وهو أن نسأل ونفكر ونجرب لا أن نحفظ و نُلقن المعلومات دون تفكير وقناعة، بحاجة إلى أن نتعلم الأسئلة ونبحث عن الاجابات ثم نستنتج مدى صحتها بأنفسنا، فالذي يحفظ المعرفة فقط دون أن يعلم ما هو التساؤل الذي أدى لاستنتاجها لا يمكنه أن يضيف للعلم أي فائدة. نحن بحاجة لتغيير طريقة التعامل مع العلوم .. لأننا بحاجة الى جيل واعٍ يملك استقلال الفكر ويتسلح بالعلم والمعرفة .. ليس جيلا مستسلما خاضعا لموروثات بالية .. يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير ديكارت: انا أتساءل اذاً أنا موجود.
http://www.alyaum.com/articles/887587/الرأي/




تعليقات