أمير المعرفة خالد الفيصل.. مازلنا نتذكر هذه المقولة!
- أفنان آل زايد
- 21 أغسطس 2018
- 3 دقيقة قراءة
انتهى العام الدراسي، لكني خلال هذه السنة عدت من المدرسة وأنا أبكي مرتين، المرة الأولى كانت بسبب معلمة أهانتني في غرفة المعلمات عندما سألتها عن سبب تدني درجتي في مادتها حيث كانت المادة الوحيدة التي نقصت بها، فلم تكتفِ بالإجابة عن هذا السؤال بل كانت سخية في اطلاق الكلمات المباشرة التي هدفها أن تخبرني أني فاشلة وأن درجاتي أكثر مما أستحق وأن "جميع" معلماتي يجاملونني لذلك أعطوني درجات كاملة!...
و المرة الثانية كانت قد أبكتني معلمتي ريم عبدالعزيز التويجري التي منحتني وزميلاتي أعظم ما يمكن للإنسان أن يتعلمه "مواد الدين الإسلامي" ففي آخر يوم من الاختبارات جمعتنا في غرفة التدبير وقالت إنها ستغادرنا لأنها كانت منتدبة الى مدرستنا.. وقفت أمامنا لتنصحنا وتودعنا، العجيب أنها كانت تمدحنا بإسهاب وكانت تبرر التصرفات السيئة من بعض الطالبات بأن هذا سن قد تظهر فيه مثل هذه الأخطاء وأن هذا أمر طبيعي، في الوقت الذي نعاني من بعض المعلمات ومن صراخهن في الفصل بجنون حتى يصبح جو الحصة الدراسية قلقا وتوترا ومريعا. أدرك أن هذا يعود للمستوى الثقافي للمعلمة فكلما كان مرتفعا كان التعامل مع الطالبات أكثر ليونة وتفهما فثقافة الأستاذة ريم تسمح لها بأن تبرر تصرفات البعض وتكون متسامحة معهن وتتفهم طبيعة السن الذي نمر به وهو سن الحماس والاندفاع، على عكس بعض المعلمات اللاتي يقلن إننا مراهقات بحاجة الى "ترصيص" و"مراقبة" !..لقدأهدتنا تلك المعلمة الفاضلة مصاحف، ثم ودعتنا ونحن نكفكف دموعنا.
ما أريد أن أقوله لوزارة التربية والتعليم، إن هناك بعض المعلمين والمعلمات لديهم مبادرات تربوية جميلة تؤثر ايجابياً في نظرة الطلاب للحياة وفي نفسياتهم وحبهم للمدرسة والجو الدراسي، وأعتقد ان هذا من أهم أهداف التربية والتعليم، على سبيل المثال، معلم في مدرسة شيبة بن عثمان الابتدائية قام بإهداء تلاميذه درجات هوائية في نهاية السنة ليعزز ثقتهم بأنفسهم ويدخل السعادة في قلوبهم، ومعلم آخر يرفض التحقيق في حادثة تحطيم سيارته من قبل طلاب ثانوية كي لا يقلقهم ويؤثر على دراستهم وليركزوا في اختباراتهم، وكمبادرة الأستاذة ريم التي لم تعلمنا خلال 45دقيقة فقط ولم تعلمنا ما كُتب بين أغلفة المناهج فقط، بل علمتنا كيف نحترم بعضنا البعض وكيف نهتم بتطوير ثقافتنا وكيف نكون متعاونين ونحب بعضنا بصدق..
مبادرات المعلمين الطيبين خلال هذه السنة كانت كثيرة، لكني أتوجه في النهاية بذكر تصرف عظيم تتجلى به روح الوطنية والمسؤولية والإنسانية، وهو ما قام به الأستاذ محمد مكي الذي آثر تعليم طلاب القرى النائية في جبال الريث في منطقة جازان على الاستمتاع بإجازة منتصف العام الدراسي،اذ يقطع أكثر من مائة كيلومتر يومياً للوصول الى تلك القرى المحرومة من التعليم بسبب وعورة الطرق المؤدية اليها.
الا أن هذا العمل لم يتلق أي دعم ومساندة رغم أنه كان يعلمهم بأدوات بدائية ويقول إنه وجد تفاعلاً من الأهالي والطلاب في تلك المناطق كدليل على حرصهم وحماسهم للحصول على العلم، المؤلم أن أمثال هؤلاء المعلمين يقارنون في النهاية بأولئك الذين لايفعلون شيئاً سوى الصياح والتذمر وعمل هاشتاقات سوداوية في تويتر ونقد غير بناء وخال من المصداقية والقسوة على الطلاب واراقة كرامتهم، أي ان المعلمين المبدعين ضائعون بين الفشلة ولا أجد هذا عدلاً..لذا نلتمس من أمير المعرفة سمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم أن تحظى مثل هذه المبادرات النابعة من قلوب صادقة مدركة لفضيلة العلم برعاية سموه، اذ هي أرواح تأبى الا أن تبني جيلا يصبح منارة العلم في العالم، فجميع العلماء و المناضلين والكتاب والمفكرين والمصلحين كانوا ثمرة جهود جنود مجهولين يقفون كل يوم طويلا على أقدامهم ليعلموا وينصحوا ويرشدوا، ان تأثير المعلم على طلابه تأثير مباشر وقوي فالطالب يقضي برفقة معلميه ضعف ما يقضيه بين أسرته وأضرب مثالاً على ذلك برئيسة بريطانيا المرأة الحديدية مارغريت تاتشر اذ كانت تلميذة لسيدة عظيمة مناضلة وهي العالمة ماري كوري والتي حصلت على جائزة نوبل مرتين، فلأجل تشييد جيل قائد ولأجل تعليم ناجح لابد من أسس و قواعد ناجحة ودعم أمثال هؤلاء المعلمين وتبني انسانيتهم وحماسهم واتمنى أن تنشأ ادارة مهمتها دعم مبادرات المعلمين والمعلمات وتشجيعها ونحن يا صاحب السمو ما زلنا نتذكر مقولة ملكنا الراحل فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- والتي تتجلى في أهمية عمل المعلم وأثر مهنته في المجتمع عندما قال طيب الله ثراه: "لو لم أكن ملكاً لكنت معلماً".
http://www.alyaum.com/articles/937697/الرأي/





تعليقات